السبت، 3 يونيو 2017

محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين

محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله،
 وبعد:
     لقد كثر في هذه الأونة الأخيرة الزعم بأن النبي محمد صلى الله عليه وسلم ليس خاتم الأنبياء والمرسلين وبأن هناك نبي أو رسول سيأتي بل ومن العجب أن بعض هؤلاء المغرضين يستدلون على زعمهم هذا بأيات من القرآن الكريم ولهذا أردت وبالله التوفيق أن أجمع هذه المادة للرد عليهم مستعيناً بالله وأرجو منه جل شأنه العون والسداد انه ولى ذلك والقادر عليه.
     اختلف العلماء رحمهم الله في الفرق بين النبي والرسول ، ولكن جمهور العلماء على أن النبي هو من أوحي إليه من الله ولم يؤمر بالتبليغ ، والرسول هو من أوحي إليه وأُمر بالتبليغ .
ولكن .. مع هذا الاختلاف فإنهم اتفقوا على أن الرسول أفضل من النبي ، وأن الرسول قد حاز شرف النبوة وزيادة ، ولذلك قالوا : كل رسول فهو نبي ، وليس كل نبي رسولا .
وبهذا يتضح أن كل ما ورد في أن النبي محمداً صلى الله عليه وسلم هو خاتم النبيين وأنه لا نبي بعده ، أنه يدل على أنه لا رسول بعده أيضاً ، لأنه لن يكون هناك رسول إلا وهو نبي .
ولو جاء النص على أن الرسول محمداً صلى الله عليه وسلم هو خاتم الرسل ، لم يكن هذا النص نافيا لوجود نبي بعده ، لأنه يحتمل أن يوجد نبي وليس برسول .
لكن .. قد جاء النص بأن الرسول صلى الله عليه ومسلم هو خاتم النبيين وأنه لا نبي بعده ، فهذا ينفي وجود نبي بعده ، وكذلك ينفي وجود رسول بعده .

 اعلم أنه يجب على كل مسلم أن يعتقد أن محمدا صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء، وأن ينشر ذلك بين الناس لا سيما في هذه الأزمنة المتأخرة التي ادعى كثير من الناس فيها النبوة بعد محمد صلى الله عليه وسلم، وظهرت البابية والبهائية والقاديانية وغيرها من الفرق الضالة الخارجة عن دين المسلمين، والتي هي أضل من اليهود والنصارى، وعقيدة أن محمدا خاتم الأنبياء والمرسلين دل عليها القرآن الكريم والسنة المطهرة وآثار الصحابة وإجماع الأمة.
اولا: القرآن الكريم:
 قال تعالى: {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَـٰكِن رَّسُولَ اللَّـهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} [الأحزاب:40].
ثانيا: السنة المطهرة:
● عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن مثلي ومثل الأنبياء قبلي كمثل رجل بنى بيتا فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية فجعل الناس يطوفون به ويتعجبون ويقولون: هلا وضعت اللبنة، قال: فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين» (رواه البخاري ومسلم). وفي رواية في (تاريخ دمشق) لابن عساكر من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه-: "فكنت أنا سددت موضع تلك اللبنة، ختم بي البنيان، وختم بي الرسل" ذكرها السيوطي في الجامع الكبير
● وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة حتى يبعث دجالون كذابون قريبا من ثلاثين كلهم يزعم أنه رسول الله» (رواه البخاري ومسلم). وفي زيادة صحيحة: «وأنا خاتم النبيين لا نبي بعدي» (سنن الترمذي).
● عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى تبوك واستخلف عليا فقال: أتخلفني في الصبيان والنساء؟ قال: «ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي». رواه البخاري
● قال عليه الصلاة والسلام : كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمْ الأَنْبِيَاءُ ، كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ ، وَإِنَّهُ لا نَبِيَّ بَعْدِي . رواه البخاري ومسلموقوله عليه الصلاة والسلام : إِنَّ الرِّسَالَةَ وَالنُّبُوَّةَ قَدِ انْقَطَعَتْ ، فَلاَ رَسُولَ بَعْدِي وَلاَ نَبِيَّ . قَالَ أنس رضي الله عنه : فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ . فقَالَ : وَلَكِنِ الْمُبَشِّرَاتُ ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ ، وَمَا الْمُبَشِّرَاتُ ؟ قَالَ : رُؤْيَا الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ ، وَهِيَ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ النُّبُوَّةِ . رواه الإمام أحمد والترمذي ، وصححه الألباني والأرنؤوط.
·    وقوله عليه الصلاة والسلام : أَنَا مُحَمَّدٌ وَأَنَا أَحْمَدُ ، وَأَنَا الْمَاحِي الَّذِي يُمْحَى بِيَ الْكُفْرُ ، وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى عَقِبِي ، وَأَنَا الْعَاقِبُ ، وَالْعَاقِبُ الَّذِي لَيْسَ بَعْدَهُ نَبِيٌّ . رواه البخاري ومسلم ، واللفظ له.
وهناك من ادعى النبوة على عهده صلى الله عليه وسلم، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم من يقاتل من ظهرت دعوته واجتمع الناس عليه ,و منهم (مسيلمة الكذاب ، الأسود العنسي ، طلحة الأسدي).
ثالثا:اجماع الأمة:
والأمة الإسلامية لها موقف حازم تجاه المتنبئين قديما وحديثا، فكل دعوة للنبوة بعده تقابل بالحرب والقتل أو بالاستنكار الشديد أو بالتهكم والسخرية
§         حاربوا المتنبئين كابن الزبير حارب المختار الثقفي .
§         في زمن المهدي، جييء إليه برجل فقال له: "إلى من بعثت؟ فقال: ما تركتموني أذهب إلى من بعثت إليهم فإني بعثت بالغداة وحبستموني بالعشي"، فضحك المهدي وأمر له بجائزة وخلى سبيله وهذا محمول على أنه لا عقل لهذا القائل ولا خطر منه.
§         وفي زمن المأمون ادعت امرأة النبوة فأحضرت إليه فقال لها: "من أنت؟ قالت: فاطمة النبية، فقال لها المأمون: أتؤمنين بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم؟ قالت: نعم كل ما جاء به فهو حق، فقال المأمون: فقد قال صلى الله عليه وسلم: «لا نبي بعدي» قالت: صدق، فهل قال لا نبية بعدي؟ فقال المأمون لمن حضره أما أنا فقد انقطعت فمن كانت عنده حجة فليأت بها"، وضحك حتى غطى وجهه.
§         وادعى رجل النبوة فقيل له: "ما علامات نبوتك؟ قال: أنبئكم بما في نفوسكم، قالوا: فما في نفوسنا؟ قال: في نفوسكم أنني كذبت ولست بنبي".
وغير ذلك من صور التصدي لهؤلاء الكفرة المارقين عن دين الإسلام، ولا يقل موقفهم من المتنبئين المحدثين عن تلك المواقف وذلك كـ(البابية، والبهائية، والقديانية) حيث طاردوهم وأعلنوا كفرهم، ومن صور التصدي لهؤلاء التهكم والسخرية منهم إذا كانوا لا يخشى أمرهم كما وقع وليعلم أن أعداء الإسلام قاموا برعاية أناس من الدجاجلة وإمدادهم بما يحتاجونه، يروجوا على الناس باطلهم وكفرهم وادعاؤهم للنبوة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهؤلاء المدعين للنبوة كفرهم واحد وإن اختلفوا في أسمائهم وفي تفصيلات باطلهم؛ لأنهم كذبوا على الله وادعوا أن الله أرسلهم برسالة بعد رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم ووضعوا عن الناس بعض التكاليف الشرعية كما فعل سلفهم الطالح وشهوات إباحية فجار والعياذ بالله تعالى. وهذه الدعوات (البابية، والبهائية، والقديانية) وليدة كذلك للشيعة والصوفية تولدت منهما وتغذت بألبانهما، فلما فتحت الشيعة والصوفية باب النبوءة واعتقدوا في نزول الوحي على أئمتهم وأوليائهم ولج من هذا الباب من ولج فظهرت البابية والبهائية والقديانية، فانظر كيف يتلاعب الشيطان ببني آدم، وكيف يغتر الناس بهذيانهم، والغريب أن الذي يتبع هؤلاء إن جهل بعقيدة ختم النبوة فهل يجهل بأن الله يؤيد أنبياءه ورسله بالمعجزات؟ أم هل يجهل بأن الرسل أطيب الناس وأكملهم وأبعدهم عن المعاصي؟ أم هل يجهل بأن الرسل هم صفوة الخلق خلقا وخلقا وعلما وخشية وغير ذلك؟ فأين هؤلاء المدعين للنبوة من الرسل الكرام عليهم الصلاة والسلام.
رابعا:رأى العلماء:
ü   قال ابن كثير رحمه الله: "(ولكن رسول الله وخاتم النبيين) ...فهذه الآية نص في أنه لا نبي بعده ، وإذا كان لا نبي بعده فلا رسول بالطريق الأولى والأحرى ، لأن مقام الرسالة أخص من مقام النبوة ، فإن كل رسول نبي ولا ينعكس" . "تفسير ابن كثير" (3/645) . 
ü    قال الحافظ ابن كثير : (وقد أخبر الله تبارك وتعالى في كتابه ، ورسوله في سنته المتواترة عنه أنه لا نبي بعده، ليعلموا أن كل من ادعى هذا المقام بعده فهو كذاب أفاك دجال ضال مضل ، ولو تخرق وشعبذ وأتى بأنواع السحر والطلاسم).
ü    وأوْرَد ابن عطية ما يدلّ على خَتْم النبوة بِنوبة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، ثم قال : وهذه الألفاظ عند جماعة علماء الأمة خلفا وسلفا مُتَلَقَّاة على العموم التام ، مقتضية نَصًّا أنه لا نبي بعده صلى الله عليه وسلم ... وما ذَكَره الغزالي في هذه الآية وهذا المعنى في كتابه الذي سماه بـ " الاقتصاد " إلحاد عندي وتَطَرّق خبيث إلى تشويش عقيدة المسلمين في خَتْم محمد صلى الله عليه وسلم النبوءة ، فالحذر الحذر منه ، والله الهادي بِرَحْمَتِه . اهـ .
ü    وقال البغوي : خَتَم الله به النبوة ، وقرأ عاصم : "خاتَم" بفتح التاء على الاسم ، أي : آخرهم ، وقرأ الآخرون بكسر التاء على الفاعل ، لأنه ختم به النبيين فهو خاتمهم .
ü    ثم نَقَل عن ابن عباس رضي الله عنهما قوله : يُريد لو لم أخْتم به النبيين لَجَعَلْت له ابْنًا يكون بعده نَبِيًّا .
ü    وروي عن عطاء عن ابن عباس : أن الله تعالى لَمَّا حَكَم أن لا نَبِيّ بعده لم يُعْطِه وَلَدا ذَكَرًا يَصير رَجُلا .
ü    قال الإمام الطحاوي : نقول في توحيد الله معتقدين بتوفيق الله : إن الله واحد لا شريك له ، ولا شيء مثله ، ولا شيء يُعْجِزه ، ولا إله غيره ... أن محمدا عبده المصطفى ونَبِيه الْمُجْتَبَى ورَسوله المرتضى ، وأنه خاتم الأنبياء وإمام الأتقياء وسيد المرسلين وحبيب رب العالمين ، وكل دعوى النبوة بعده فَغَيّ وهَوى ، وهو المبعوث إلى عامة الجن وكافة الوَرى بالحق والهدى وبالنور والضياء . اهـ
ü   قال القاضي عياض: والصحيح الذي عليه الجم الغفير - أي عامة العلماء - أن كل رسول نبي ، وليس كل نبي رسول .الشفاء(1/ 347)، والأدلة على أن مقام الرسالة أخص وأكمل من مقام النبوة كثيرة، ومنها قوله تعالى: "فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ" [الأحقاف: من الآية35]، فنوه الله سبحانه وتعالى بأولي العزم من الرسل وأمر نبيه أن يقتدي بصبرهم وثباتهم، وهم على أشهر الأقوال: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ، وخاتم النبيين محمد عليهم الصلاة والسلام. وذكرهم الله بوصف الرسالة مما يدل على أن وصف الرسالة أخص وأكمل، وأخرج الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي ذر – رضي الله عنه- قلت: يا رسول الله كم وَفَى – أي بلغ - عدة الأنبياء؟، قال: " مائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً، الرسل من ذلك ثلاثمائة وخمسة عشر جماً غفيراً "، .
ü   قال القاضي عياض: (نكفر من ادعى نبوة أحدٍ مع نبينا صلى الله عليه وسلم... أو من ادعى النبوة لنفسه، أو جوز اكتسابها والبلوغ بصفاء القلب إلى مرتبتها كالفلاسفة وغلاة المتصوفة، وكذلك من ادعى منهم أنه يوحى إليه وإن لم يدع النبوة، فهؤلاء كلهم كفار مكذبون للنبي صلى الله عليه وسلم، لأنه أخبر -صلى الله عليه وسلم- أنه خاتم النبيين لا نبي بعده ، وأخبر صلى الله عليه وسلم عن الله تعالى أنه خاتم النبيين ...) الشفاء (2/ 1070)..
ü    وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : "وإذا كان خاتم النبيين فهو خاتم الرسل قطعاً ، إذ لا رسالة إلا بنبوة ، ولهذا يقال : كل رسول نبي ، وليس كل نبي رسول" انتهى. "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (1/250(.
ومِن عقيدة أهل السنة أنه لا نبي بعد نبينا صلى الله عليه وسلم . 
ومَن اعتقد وُجود نبي بعد نبينا صلى الله عليه وسلم ، فقد كذّب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، ما عدا نُزول عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام ، ولا تُعتبَر نُبوته نبوة جديدة ؛ لأنه سوف يَحكُم بِالشرع الْمُنَزّل على نبينا صلى الله عليه وسلم .
 فهذه الطائفة المذكورة طائفة ضالة زائغة عن الهدى ، مكذبة للقرآن والسنة ، وهذا المدعي للرسالة كذاب أفاك مفتر على الله ورسوله عليه الصلاة والسلام. هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
 والله تعالى أعلم